الثلاثاء، 12 أكتوبر 2010

اربطوا الأحذية

يوسف معاطي

ما الذي حدث لنا يا ناس؟! حالة من التوتر و العصبية المفاجئة تنتاب أياً منا في لحظة، فيفقد أعصابه و أول ما يفعله يخلع حذاءه، ولا أعلم كيف نخلع أحذيتنا بهذه السهولة، بينما و نحن نرتديها ندفسها في أقدمانا بصعوبة شديدة، و اللبيسة تكاد تفرتك الحذاء أو القدم أو كليهما، و المسألة ليست قاصرة على ما تقرأونه في الصحف عن الأحذية التي تطير في مباريات كرة القدم، أو في مجلس الشعب، و هذه ليست مشكلة، الخطورة الحقيقية تكمن في أن ظاهرة الأحذية الطائرة صارت ظاهرة عامة.

كنت ماراً في شارعنا أفكر في مقال الأسبوع،محاولاً أن أجد الفكرة، و فجأة ارتطم رأسي حذاء نبيتي ببوز رفيع، كان منطلقاً كالسهم من إحدى البلكونات عارفاً طريقه تماماً، أمسكت بالحذاء و نظرت نحو البلكونة اللي في التالت التي انطلق منها- و كان بالمناسبة مقاس 43 و هو مقاسي بالضبط- و إذا برجل يطل من البلكونة، و يصرخ فيا كأنني الذي حدفت نفسي بالحذاء، أنت...يا كابتن... الجزمة دي بتاعتنا،أيوه اللي في إيدك دي،كانت زوجته من الداخل تصرخ فيه، و كان واضحاً أنها مسألة عائلية جداً، لم أشأ أن أورط نفسي فيها،و كان الزوج يبدو و كأنه لا يعنيه من الأمر سوى الفردة التي ارتطمت برأسي، و قررت أن أنسحب من الموقف، و حدفت فردة الجزمة بكل قوة نحو صاحبها الواقف في البلكونة، لترتطم- و الله ما كنت أقصد- برجل آخر كان جالساً في البلكونة اللي في التاني يتصفح جريدة، الذي نظر نحوي بشراسة، و هب واقفاً و كأنه ما صدق، أنت بتحدفني بالجزمة يا حيوان، نهارك أسود، و تسمرت في مكاني حائراً أحدهما يريد الجزمة، و الآخر معه الجزمة، و كلاهما يريد أن يقطعني بأسنانه، و إذا بالرجل الذي يقرأ الجريدة ... الذي حدفته أنا دون قصد بالفردة النبيتي 43، يمسك بها و يرجع بذراعه للوراء كرامي جلة محترف، و يقذفها بمهارة و قوة يحسد عليهما لترتطم، و الله ما كان يقصد...بزجاج سيارة فارهة كنت استند عليها، ولا يزال صاحب الفردة اللي في التالت يصرخ فيا....أحدف الفردة يا حرامي و الله العظيم ح أنزل لك، و أمسكت بالفردة،وأخذت نفساً عميقاً و ربنا وفقني والحمد لله، أن أعيدها سالمة إلى صاحبها، ولكن ما إن أمسك بها صاحبها...فإذا بالمدام زوجته... تحدفه بالفردة الثانية، التي ارتطمت- و الله ما كانت تقصد...برأس الرجل الثالث صاحب السيارة الفارهة التي تحطم زجاجها، و كان خارجاً من بيته و البواب خلفه يشير نحوي و هو يقول ، أهوه، أهوه ده الراجل المجنون اللي عمال يحدف الناس بالجزم...و فجأة تحول الشارع كله إلى معركة طاحنة، كانت الأحذية تطير في استعراض أقل ما يوصف به أنه عالمي، فهذا ببوز بني عريض، و هذا بنص برتقالي حكاية، و هذه جزمة بيضاء بسوستة، و هذا بوت أسود برباط، و للحق لم يستخدم أخد من المتشاجرين مطواة أو سنجة أو شومة، كانت الأحذية هي سيدة الموقف، ثم بدأت البلكونات المحيطة تشارك ببعض الشباشب و الصنادل...و خرجت، ولا أعلم كيف خرجت، متسللا.. من بين الأقدام و الأحذية الملقاة و أطلقت ساقي للريح.

قالت لي زوجتي حين دخلت البيت: إيه ده؟ وأشارت نحو قدمي، فين الجزمة اللي أنت خارج بيها؟! كنت ارتدي فردة بيضاء، وفردة بني، فقلت لها إنت مش دريانة بالدنيا، ده كويس إني لقيت دول و بعدين انت ح تحاسبيني، و بدأ صوتها يعلو و يعلو، و لم أطق صبراً فخلعت الفردة البيضاء و حدفتها نحوها، فتفادتها زوجتي بمهارة تحسد عليها، و خلعت شبشبها البلاستيك و حدفته نحوي (بيلسع قوي ده محدش يخليه في البيت) و إذا بشبشب صغير، يعبر المسافة التي بيننا...طائراً... وكأنه رسالة واضحة من ابنتنا الصغيرة....تقول...اهمدوا بأه عاوزة أذاكر.

هناك تعليقان (2):

  1. أزال المؤلف هذا التعليق.

    ردحذف
  2. ههههههههههههههههههههههههه

    كان ايام الجزم وهوجتها البلد بقت جزمه الحقيقه وفتحوعلينا ابواب اهانات من نوع جديد تقولش هى ناقصه

    شربات يوسف معاطى

    شكرا على المقال

    ردحذف